روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | أطفالنا بين اللعب والتلفزيون (1- 2)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > أطفالنا بين اللعب والتلفزيون (1- 2)


  أطفالنا بين اللعب والتلفزيون (1- 2)
     عدد مرات المشاهدة: 2692        عدد مرات الإرسال: 0

يعد اللعب النشاط الأساسي المميز لمرحلة الطفولة؛ لدرجة أن الطفل قد ينسى طعامه ولا يشعر بالجوع عندما يندمج في لعبة يحبها، وهي فطرة فطر الله الطفل عليها، وفي الأثر المشهور:  (لاعبوهم سبع...) أما ما بعد السبع سنين فهي مرحلة بدء التعليم، واللعب وسيلة رائعة للتعلم إذا ما أحسن توظيفه، وهو يمنح التعليم نكهة مميزة محببة، فما أوسع البون من تعليم الطفل خصائص الحيوان من خلال صورة في الكتاب وبين رؤية الحيوان على الحقيقة ومشاهدته ومراقبته ولمسه واللعب معه إن أمكن.

واللعب في مرحلة الطفولة ليس من أجل الترفيه والاستمتاع فقط، ولكنه من أجل بناء شخصية سوية متزنة، فاللعب الحر يشعر الطفل بالتحقق والثقة والإشباع النفسي، وهذا ما نأمله بالطبع لأطفالنا.

ووفقًا لهذه الرؤية فإن إعادة قراءة لطفولة النبي صلى الله عليه وسلم في بادية بني سعد قد تساعدنا على فهم الإستراتيجية الإسلامية في التعامل مع الطفل في سنوات عمره الأولى، حيث يستطيع الطفل الذي سيصبح فيما بعد خاتم الأنبياء ونموذج الإنسان الكامل أن يمارس النشاط الحركي بحرية كاملة، باعتبار أن النشاط الحركي نشاط مركزي في مرحلة الطفولة، ومن خلال هذا النشاط الحركي وفي بيئة طبيعية مفتوحة يقوى النشاط العقلي الذهني، وفي جو نظيف غير ملوث يقوى البناء الجسماني حيث العلاقة التفاعلية بين الجسد والعقل، فالقاعدة الجسدية الصحية لابد أن تبدأ بداية قوية، وكذلك القاعدة العقلية لابد أن تبدأ هي الأخرى بداية نشطة.

وعندما يصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سن الرابعة أو الخامسة يقع حادث شق الصدر، وهذه السن هي بداية سن الإدراك والتعلم للطفل والمرحلة الأخيرة من مراحل الطفولة المبكرة مرحلة الحضانة والقلب هو مستودع الذكريات وأول ذكرى تترسب في نفس محمد الطفل صلى الله عليه وسلم هي أن يتم استخراج حظ الشيطان من قلبه.. إنه رفض الشر ليبقى القلب خالصًا للخير.. هذه ببساطة الإستراتيجية الإسلامية والفطرية للتعامل مع الطفل.. مكان مفتوح.. حرية حركة.. طبيعة حية.. تعليمه مبادئ الخير لتترسب في قلبه الصغير وذلك عن طريق آلية مناسبة لعمره العقلي.

 

تشويه الطفولة:

في منازل مكدسة بالأثاث حيث لا يجد الطفل مساحة للحركة وحيث النواهي القاطعة الزاجرة بعدم اللعب والقفز فوق هذا الأثاث الثمين المنسق لا يجد الطفل سوى الاستسلام للتلفزيون كوسيلة للتسلية حيث يجلس مشدوهًا يشاهد اللعب والجري والقفز بدلًا من أن يمارسه؛ هذه الحالة من السكون التام تنافي طبيعة الطفل النشطة، ولكنها حالة تسعد العديد من الأسر التي لا تتحمل حركة الأطفال الطبيعية وتعتبرها شقاوة وربما قلة أدب.

يدخل الطفل أثناء المشاهدة التلفزيونية في حال أقرب إلى التخدير، فهو يرى ويسمع، ولكنه غائب تمامًا عما يدور حوله باستثناء ما يشاهده، ولقد أجرى العلماء أبحاثًا عدة على أطفال لدراسة هذه الظاهرة فعرضوهم وهم يجلسون في هدوء إلى ضوء ساطع مزعج، وظل الضوء ساطعًا لمدة ثلاث ثوان ثم انطفأ دقيقة واحدة، وتكرر هذا التتابع عشرين مرة، وكان العلماء أثناء التجارب يراقبون التغيرات التي تطرأ على الطفل فيما يتعلق بضربات القلب والتنفس وموجات الدماغ.

وتبين أن الأطفال قد جفلوا عند التعرض الأول للمثير البصري، ولكن شدة رد فعلهم تناقصت بسرعة مع تكرار العملية، حتى ظهرت أعراض أشبه بأعراض النوم عند المرة الخامسة عشرة من خلال تخطيط الدماغ، مع أن أعينهم لا تزال تستقبل الضوء.

وما يحدث للطفل أثناء مشاهدة التلفزيون شبيه تمامًا لهذه التجربة، فالتغيرات السريعة للإضاءة والألوان تفعل الفعل نفسه، وتجعل الطفل على هذه الحال، إن أي نشاط يتطلب تركيزًا ذهنيًّا عاليًا لا يمكن أن يسبب الاسترخاء الذي نلحظه على الأطفال أثناء المشاهدة، والتلفزيون يسبب حالة عقلية سلبية لا تشبه أي شكل من أشكال اللعب.

 

الوالد الثالث:

حدثنا القرآن الكريم عن نماذج والدية رائعة كلقمان: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

ويعقوب النبي الذي لم يمنعه حضور الموت وهو الحدث الجلل من متابعة أبنائه: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133] هذه النماذج القرآنية لم تذكر عبثًا ولكنها ذكرت كي يقتدي بها الآباء، ولنا أن نتساءل كم نقضي من الوقت مع أطفالنا؟ كم ساعة نخصصها لهم في اليوم؟ والسؤال موجه للأب والأم معًا، فالنماذج القرآنية المذكورة كانت لآباء، أما أن يعتبر بعض الآباء أن دورهم هو دور الممول المالي للأسرة فحسب وينهمك في كسب المال وعندما يكون موجودًا لا يمارس اللعب مع الأطفال ولا يحكي لهم قصة ولا يقدم لهم نصحًا بطريقة جميلة أخاذة، فهذا ما تأباه النظرة القرآنية تماما.

وتضيق كثير من الأمهات باللعب مع الأبناء والإجابة عن كثرة أسئلتهم ولا تستشعر متعة الأمومة، وبالتالي لا يجد الأطفال إلا أحضان الوالد الثالث- التلفزيون- وقبل أن يدخل الطفل الروضة من المحتمل أن يكون قد قضى 4000 ساعة يشاهد التلفزيون وهو عدد رهيب من الساعات تفوق بكثير عدد الساعات الخالصة التي تم قضاؤها مع الوالدين أو تلك التي سوف يتم قضاؤها في الروضة.

 

ضعف الانتباه:

إذا كانت مشاهدة التلفزيون أمرًا واقعًا لابد من التعامل معه بحكمة لكسب أكبر قدر من الإيجابيات وتقليل مساحة الخسائر والسلبيات، إلا أنه لا ينبغي البدء في عملية المشاهدة قبل أن يتم الطفل عامه الثاني على الأقل.

فقد أكدت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال في عام 1999 أن الأطفال دون الثانية ينبغي ألا يشاهدوا التلفزيون في هذه السن المبكرة لأنه قد يؤدي إلى نقص الانتباه لدى الطفل فيما بعد كما أن له علاقة بالسمنة والنزعة العدوانية عند الأطفال.

ويقول الباحثون: إنه كلما ازدادت مشاهدة الأطفال للتلفزيون بين سن عام وثلاثة أعوام ارتفع خطر إصابتهم بمشكلات في قدرتهم على الانتباه والتركيز عند سن السابعة.

 

الكاتب: فاطمة عبد الرءوف.

 

المصدر: موقع رسالة الإسلام.